أرشيف

الثائرة هيفاء الهلالي: مسيرة الحياة أعادت للثورة بريقها

من ساحة الحرية بتعز رحل عظماء نحو أبواب السماء تحملهم سواعد آخرين، ومن هذه الساحة أيضاً غادر آخرون كرماء نحو الأثيرة صنعاء يحملون أرواحهم هدايا لمن لا يملأ أعينهم إلا التراب، وبقي آخرون يحفظون العهد ويستميتون في البقاء على أرض الساحة وإن لم يبق منها إلا الأطلال، وكان لنا مع واحدة من هؤلاء الذين يرابطون في الساحات من رجالٍ ونساء لقاءٌ يحفهُ الإصرار والشموخ، مع الثائرة/ هيفاء مهيوب سعيد عبدالله الهلالي فإلى نص الحوار:

× ما الذي دعاك للحضور إلى الساحة؟.
ـ خرجت للبحث عن حقوقنا وكرامتنا التي سلبت منا وحريتنا المفقودة وحباً في وطني الغالي والبحث عن المستقبل المنشود.

 


× علي أي أساس تم اختيارك للقيام بمهمة عضوة في اللجنة الأمنية؟.
ـ عند زيادة الزخم الثوري في الساحة وبالذات ما يخص الجانب النسوي، حينها تم تشكيل لحان أمنية من خلالها نحرص على تنظيم الساحة وتوفير الحماية اللازمة، فمن خلال نشاطي الملحوظ في الفترة السابقة تم ترشيحي كعضوة في اللجنة الأمنية لتوفر المواصفات المطلوبة لهذا العمل عندي.

 

× كيف كان إقبال النساء على الساحة وهل كان قوياً بما يكفي؟.
ـ كان الإقبال يزداد يوماً بعد آخر وبالذات الفترة المسائية وعلى وجه الخصوص في يومي الخميس والجمعة، وكان قوياً ووصل إلى ذروته.

 


× هل تفاعلت النساء مع شروط اللجنة الأمنية؟.
ـ كان التفاعل إيجابياً وكانت النساء الوافدات إلى الساحة يتعاملن بصدر رحب معنا وسهلن من عملنا كثيراً.

 


× ما أكبر المعوقات التي وقفت في طريق عمل اللجنة؟.
ـ لم توجد أي عوائق لعملنا ولكننا واجهنا بعض الصعوبات وبالذات في بداية الأمر، حيث بدأ الأمر عند بعض النساء كدخيل عليهن.

 


× هل كان عمل اللجنة كافياً لتحقيق الجانب الأمني داخل الساحة؟.
ـ كان كافياً بالنسبة للجانب الأمني، فحاولنا منع دخول أي مواد خطرة للساحة وحاولنا جاهدات الحفاظ على سلامة وأمن الساحة.

 


× ما هي المهام التي كان يجب على اللجنة الأمنية إنجازها داخل الساحة؟.
ـ إضافة إلى العمل الأساسي في اللجان الأمنية قمنا بعمل التوعية والإرشادات في أوساط الحاضرات ورصد المخالفات وحل النزاعات إن وجدت.

 


× هل واجهن مظاهر للعنف من قبل النساء اللاتي يحضرن إلى الساحة؟.
ـ لم تكن هناك مظاهر عنف قوية واشتباكات ولكننا واجهنا بعض المخاطر من بعض النساء اللواتي كن يردن خلق وإحداث الفوضى في الساحة.

 


× هل تصفين لنا كيف جرى عمل اللجنة يوم المحرقة؟.
ـ سار العمل كالمعتاد والمتعارف عليه في اللجنة الأمنية النسائية، بيد أن في ذلك اليوم وبعد العصر بساعة ونيف حدث إطلاق نار كثيف على أحد مداخل الساحة وسقوط بعض الشهداء والجرحى حاولنا حينها تهدئة الحاضرات وإبعادهن عن أماكن الخطر والحفاظ على سلامتهن وبعث بعض الطمأنينة لديهن وعند حلول وقت المغرب وزيادة حدة الهجوم على الساحة تم إبلاغنا من قبل الشباب بمغادرتنا الساحة حينئذ للحفاظ على سلامتنا وسلامة الأخريات.

 


× الحضور النسائي بعد المحرقة هل عاد بنفس الزخم الذي كان قبلها؟.
ـ لم يعد الحضور والزخم كسابق عهده بسبب إطلاق النار بالأسلحة المختلفة على المدينة خاصة الساحة ورغم كل هذا كان هناك تواجد وحضور بعد استعادتنا للساحة.

 


× وما نوع الأنشطة الأخرى التي تقوم بها اللجنة الأمنية داخل الساحة؟.
ـ من خلال طبيعة عملنا في اللجان الأمنية الذي كان يأخذ من وقتنا وجهدنا الكثير وبرغم هذا لقد شاركت بالكثير من الأعمال مثل إعداد بعض البرامج والمشاركة في نظافة الساحة وإعداد الأطباق الخيرية والانخراط ببعض الدورات التدريبية التي تهدف إلى تنمية عقولنا وأفكارنا التي تواكب تطورات العصر، الإضافة إلى المشاركة ببعض المنتديات والحركات المتواجدة داخل الساحة.

 


× ما هي الصلاحيات المسموح بها لعضوات اللجنة في حال تعرضت إحداهن للعنف من قبل الوافدات إلى الساحة من النساء؟.
ـ كنا نعمل على تفادي وتحاشي أي صدام مع الأخوات الوافدات وإن حدث أي تهجم على إحدى عضوات اللجنة يتم ضبط الجانية وإيصالها إلى اللجنة القانونية في الساحة.

 


× أكثر المواقف التي أحزنتك داخل الساحة؟.
ـ الموقف الذي كان يحزنني كثيراً عندما كان يخرج الشباب للمطالبة بحقوقهم بمسيرات سلمية وبصدور عارية ويواجهون هذا القمع والقتل بمختلف الأسلحة، حينها كنت أبكى عندما يعود بعض الشباب محمولين على الأكتاف وأجسامهم ملطخة بالدماء والبعض الآخر يعانون من تشنجات بسبب الغازات السامة والبعض يصلون جثثاً هامدة إلى المستشفى الميداني في الساحة.

 


× أكثر المواقف التي بعثت فيك العزيمة والإصرار داخل الساحة؟.
ـ صمود الشباب أمام القمع والقتل من قبل النظام وبلاطجته بمختلف الأسلحة الثقيلة والخفيفة والغازات السامة ورغم كل ما سبق كان الشباب يعاودون لخط المواجهة بصدور عارية وأشد ما زادني إصراراً إصابة أخي بطلقتين ناريتين في الساحة عند مواجهتهم بلاطجة النظام في مداخلها وعند شفائه من الإصابة عاد إلى الساحة دون أخذ قسط من الراحة لحبه للساحة.

 


× إشرحي لنا وتيرة العمل للجنة الأمنية، هل هي بالتناوب؟.
ـ تم تقسيم عملنا إلى فترتين مسائية وصباحية وتم تقسيمنا إلى مجموعات تقوم بالتناوب على العمل.

 


× سمعنا كثيراً عن بعض الروايات التي من شأنها أن تقلل من أخلاقيات شباب وشابات الساحات “قصص زواج عرفي ـ خيام مفروشة”.. ما مدى صحة ذلك أخت هيفاء؟.
ـ هذا الكلام ليس له أساس من الصحة وهذه دعايات مغرضة أثارها بعض أصحاب النفوس المريضة من أتباع النظام محاولة منهم زعزعة الشباب وتفكيكهم وفك ارتباطهم عن الساحات وتحقيق المطالب التي خرجوا من أجلها.

 


× كيف يجري عمل اللجنة اليوم بعد توقيع المبادرة وتشكيل حكومة الوفاق؟.
ـ لا توجد لجان تنظيمية نسائية حالياً وبالأصح لا يوجد تفتيش حالياً واللجان موجودة ولكن دون فعالية.

 


× ترابطون في الساحة حتى تحقيق مطالب الشباب إلى ذلك الحين ما الجديد الذي ستقدمونه لرواد الساحات رجالاً كانوا أو نساءً؟.
ـ سنبذل قصارى جهدنا وما نستطيع فعله من دعم مادي أو معنوي حتى تحقيق أهدافنا كاملة.

 


× أخطر موقف مررت به منذ التحاقك بالساحة وكيف كانت ردة فعلك تجاهه؟.
ـ كان هذا الموقف في اليوم الذي خرجنا فيه إلى مبنى التربية في المحافظة بعد أن قام الثوار بإغلاقها واعتصام هناك كان للمطالبة بحقوق ورواتب الموظفين المشاركين في الثورة والأهم من ذلك إلغاء مظاهر التسلح في المبنى الذي هو ملك الشعب وغيره من المباني الحكومية، حيث تم تحويل هذه المبائي إلى ثكنات عسكرية مثل مبنى التربية والذي خرجنا إليه فتواجدهم في مبنى التربية بأنواع الأسلحة الثقيلة المخلتفة الموجودة داخل المبنى قام بإفزاع السكان وزعزعة السكينة العامة وإخافة النساء والأطفال، فكانت رسالتنا من الخروج والاعتصام إعادة الحياة الطبيعية في المنطقة والمطالب المذكورة مسبقاً وأنه لن يوقفنا أحد عن المطالبة بحقوقنا المشروعة لنؤسس وطناً مدنياً جديداً، فعندما حلت الساعة الخامسة عصراً من ذلك اليوم قررت الموجودات وبعض الموجودين التوجه إلى الساحة فتقدمت النساء الصفوف الأمامية، وقتها سمعنا بلبلة غير معهودة وتحركات غير مسبوقة وإذا بالخبر يردنا بانتشار آليات ومدرعات عسكرية وسيارات وقناصات قد سيطرت على المكان، فباشروا بالضرب علينا بدءاً بإطلاق الرصاص العشوائي وخراظيم المياه المتعفنة والغازات المسيلة للدموع، فوجدت نفسي أواجه الموت أمامي، فأخذت أركض باحثة عن مكان آمن، لكنني سقطت متأثره بالغازات السامة، فأنقذتني بعض الزميلات وحملنني إلى مكان استعدت فيه أنفاسي وباشرت بالسؤال عن زوجي وإخواني وزميلاتي، فأخبرنني بمن قتل وكانت ردة فعلي أنني أنهمرت بالبكاء على من سقطوا ومازلت الدهشة بداخلي حتى اليوم.

 


× كلمة تودين توجيهها لزميلاتك في اللجان الأمنية؟.
ـ أقول لهن بأن عملهن تكليف وليس تشريفاً وأن يواصلن من عزيمتهن ويستمرن في عملهن وأن يثابرن ويتحلين بالصبر والثبات لكي يقطفن ثمار جهودهن وكفاحهن وأهدافنا التي خرجنا من أجلها وأضيف لهن بأن ارتباطي بهن خلال عملنا هو ذكرى عمري، لأن عملنا كان حباً لله وللوطن.

 


× للجميع في كل ربوع اليمن؟.
ـ أنصحهم بالاستمرار والصمود في ساحتهم وثورتهم حتى تحقيق جميع أهدافهم والوصول إلى بناء الدولة المدينة المنشودة.

 


× لمرتكبي جريمة المحرقة؟.
ـ أقول لهم بأن قدرة الله فوق كل شيء ولكل ظالم نهاية وبشر القاتل بالقتل ولو بعد حين ولن يهدأ لنا بال حتى يحاكموا ويأخذوا جزائهم العادل بما اقترفوه بحق هذا الوطن وشعبه ولن تذهب دماء الشهداء والجرحى هدراً.

 


×لأبطال مسيرة الحياة؟.
ـ لقد دخلتم التاريخ وأعدتم الحياة لهذه الثورة وستخلد لكم الأرض التي مشيتم عليها ووطأت أقدامكم فيها أنكم أبطال عظام، فأنتم شرارة الثورة الأولى وأنتم من أعدتم للثورة بريقها ووجهها وبكم ستحقق أهداف الثورة المباركة ولكم الثناء والتقدير والاحترام.

 

 

المصدر : أخبار اليوم

زر الذهاب إلى الأعلى